500
قوله تعالى : ﴿ قل لا أسالكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ﴾. آية تخص أهل بيت العصمة عليهم السلام المتمثلين بالاِمام علي والبتول فاطمة وذريتهما من الاَئمة المعصومين عليهم السلام ، أُثيرت حولها شبهات من قبل المخالفين والمبغضين لاَهل البيت عليهم السلام ، ليصرفوها عن . وجهها الصحيح. وذلك من خلال ادعاء أن سورة الشورى مكية ، ولم يتزوج الاِمام علي من الزهراء عليهما السلام ، ولم يكن هناك الحسن والحسين عليهما السلام ، حتى تكون الآية نازلة في حقهم .
فما الرد على ذلك؟
أولاً : إنّ الاَخبار والاحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والاَئمة الطاهرين
عليهم السلام وتصريح الاصحاب والتابعين والعلماء على أن الآية ثابتة بحق أهل البيت عليهم السلام كافٍ في ردِّ الشبهة وإبطالها .
ثانياً : إنّ ظاهرة وجود آيات مدنية في سور مكية ، أو وجود آيات مكية في سور مدنية ، كثيرة جداً في القرآن الكريم ، ولا يمكن لاَحد إنكارها أو التشكيك فيها ، ومن أمثلة ذلك :
1 ـ سورة الرعد فانها مكية إلاّ قوله تعالى : ﴿ ولا يَزال الَّذينَ كَفَرُوا... ﴾ (1).
2 ـ سورة الاسراء فإنّها مكية إلاّ قوله تعالى :﴿ وإن كَادُوا ليَستَفزُونَكَ... واجعَل لي مِن لَدُنك سُلطاناً نَصِيراً ﴾ (2).
3 ـ سورة المدّثر فإنّها مكية غير آية من آخرها (3).
4 ـ سورة المطففين فإنّها مكية إلاّ الآية الاُولى (4).
هذا بالنسبة إلى وجود آيات مدنية في سور مكية .
ومن الآيات المكية التي جاءت في سور مدنية :
1 ـ سورة المجادلة فإنّها مدنية إلاّ العشر الاَول (5).
2 ـ سورة البلد فإنّها مدنية إلاّ من الآية الاُولى إلى الآية الرابعة (6).
وغيرها كثير .
ثالثاً : صرّح الكثير من العلماء والمفسرين على أن آية المودة مع ثلاث آيات بعدها قد نزلت بالمدينة المنورة .
قال الشوكاني في ذلك : (وروى ابن عباس وقتادة أنها ـ سورة الشورى ـ مكية إلاّ أربع آيات منها أُنزلت بالمدينة : ﴿ قُل لا أسألكُم... ﴾) (7).
وقال الالوسي في معرض الجواب : (هي مكية إلاّ أربع آيات ، من قوله تعالى : ﴿ قُلْ لا أسألكُم... ﴾ إلى أربع آيات ، وقال مقاتل فيها مدني) (8).
كما أجاب القرطبي بقوله : (قال ابن عباس وقتادة : إلاّ أربع آيات منها أُنزلت بالمدينة ﴿ قُل لا أسألكُم... ﴾إلى آخرها) (9)، كذلك ذكر النيسابوري والخازن في تفسيرهما (10).